اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
محاضرة في فتن هذا الزمان ومقاومتها
9600 مشاهدة
الصراط المستقيم هو سبيل النجاة

وإلى هنا ننتهي في هذه الكلمة, ونوصي إخوتنا بما قلناه أولًا وآخرًا: وهو الحرص على سبيل النجاة.. النجاة سبيلها واحد, وهو: صراط الله المستقيم, الذي قال الله فيه: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ .
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم خَطَّ خطًّا مستقيما, وخط عن يمينه ويساره خطوطًا ملتوية, وقال: هذا سبيل الله - يعني سبيل الله الموصل إلى النجاة- وهذه الخطوط التي عن يمينه ويساره سبل الشياطين, يقول تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ .
وقد مَثَّلَهَا بعض العلماء بجريدة النخل..الجريدة التي تَتَدَلَّى إلى أن تصل إلى الأرض. لو أن مثلًا حشرة من الحشرات صعدت على هذه الجريدة, وصعدت في أصل الجريدة -الذي هو أصلها- رَقَتْ, ورقت, ورقت إلى أن تصل إلى أعلى النخلة والثمرة لتأكل مما تريد, فإنها تكون ناجية.
أما إذا ركبت السعف -الخوص الذي عن اليمين وعن اليسار- فإنها كلما ركبت خوصة وسارت عليها قليلًا هوت وسقطت, فهكذا سبيل الله وهكذا سبل الشيطان. فسبيل الله واضح, وهو الصراط المستقيم.
ونحذرهم عن بنيات الطريق التي ذُكِرَتْ في هذا الحديث, ونخبركم أيضًا بأنكم في زمن الغربة الذي قد أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: بدأ الإسلام غريبًا, وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء!! قيل: مَنِ الغرباء ذُكِرَ في تفسير الغرباء عدة روايات : الذين يفرون بدينهم من الفتن هذا تفسير لهم..إذا وقعت فتنة سواء في المال أو في البدن أو في الدين, هربوا بدينهم, ونَجَوْا بأنفسهم, كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه في آخر الزمان قال: يوشك أن يكون خير مال أحدكم غنم يتتبع بها شعف الجبال, ومواضع القطر يفر بدينه من الفتن .
فالذين يفرون بدينهم من الفتن هؤلاء من الغرباء, الذين دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: فطوبى للغرباء فالمسلم ينجو بدينه, ويُقَدِّمُهُ على كل شيء, حتى قال في بعض الأحاديث: إنْ أتتك فتنة فَقَدِّمْ مالك, فإن جاوزتِ المال فقدم نفسك يعني قَدِّمْ نفسك على الدين.. يعني: قَدِّمْ مالك, فإن جاوزت المال إلى الدين, فقدم نفسك دون دينك. فهذه الوصية نريد.
نأمل من إخوتنا إن شاء الله أن يحملوها أحسن محمل.. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما علمنا, ويعلمنا ما ينفعنا, وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه, ونعوذ به من علم لا ينفع, ومن قلب لا يخشع, ومن دُعَاء لا يُسْمَعُ, ونسأله أن يُرِيَنَا الحق حقًّا, ويرزقنا اتِّبَاعه, وأن يُرِيَنَا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه.. ولا يجعله ملتبسًا فنضل! ونسأله سبحانه أن يمكن لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا, وأن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن, والله تعالى أعلم, وصلى الله على محمد .